للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القرون الأُولى من موجبات اندراس معالم الشرائع المؤدى إلى اختلال نظام العالم وفساد أحواله، وذلك يستدعى تشريعا جديدا يرد الناس إلى جادة الصواب، ويرشدهم إلى السلوك القيم، ولهذا قال: ﴿بَصَائِرَ لِلنَّاسِ﴾ أي: أنوارا لقلوبهم، تبصر بها الحقائق، وتميز بين الحق والباطل، حيث كانت من طول ما تغشَّاها من الجهل عمياء عن الفهم والإدراك؛ فإن البصيرة نور القلب، كما أن البصر نور العين.

والمراد بالناس أُمة موسى ومن أُنزل إليهم التوراة لترشدهم إلى الاستقامة وحسن السلوك، وما تتضمنه من تأييد بعثة محمَّد وحقية رسالته.

وقوله تعالى: ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾:

معناه: هدى إلى شريعة الله التي هي الطريق الموصلة إلى الله ﷿ ورحمة ينال من عمل بها ثوابه وحسن جزائه ليكونوا على حال يرجى منه التذكر والاعتبار، فمعنى: لعل هنا؛ التعليل، حكى الواقدى عن البغوى أنه قال: جميع ما في القرآن من لعل للتعليل إلاَّ ﴿لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ فإنها للتشبيه، والمشهور أنها للترجى.

﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٤٥) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦)

[المفردات]

﴿الْغَرْبِيِّ﴾: الجبل الغربى، أو المكان الغربي الذي وقع فيه الميقات.