للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿جَسَدًا﴾ الجسد: جسمُ الإنسان خاصة كما قاله الخليل، وعممه صاحب القاموس في الإنس والجن والملَك، وهو المناسب للآية. ﴿صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْد﴾: بنصرهم على أعدائهم. ﴿الْمُسْرِفِينَ﴾: الكافرين. ﴿ذِكْرُكُمْ﴾: وعظكم أو شرفكم. ﴿تَعْقِلُونَ﴾: تتدبرون وتتعظون. ﴿وَكَمْ﴾: كم خبرية تفيد الكثرة. ﴿قَصَمْنَا﴾: القصم الكسر مع تفريق الأجزاء أَي: أهلكنا. ﴿أَحَسُّوا بَأْسَنَا﴾: أدركوه بالحاسة أي: عاينوا العذاب الشديد الذي يوشك أن ننزله بهم. ﴿يَرْكُضُونَ﴾: يفرون هاربين، وأَصل الركض: استحثاث الفرس برجلي الراكب ليسرع في جريه. ﴿مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ﴾: ما وسع الله عليكم فيه من مختلف النعم. ﴿دَعْوَاهُمْ﴾: دعوتهم. ﴿جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا﴾: أَهلكناهم جميعًا فكانوا كالزرع المحصود. ﴿خَامِدِينَ﴾: ميتين، والخمود أصلًا للنار، يقال: خَمَدَتِ النَّارُ أَي: - هَمَدَت وَطُفِئَتْ، شبه ذهاب أَرواحهم بخمود النار.

[التفسير]

٧ - ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾:

هذه الآية رد على ما زعموه من أنه لا يصح أن يكون الرسول بشرًا؛ حسبما يقتضيه قولهم السابق: ﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾.

المعنى: وما أرسلنا قبلك يا محمد إِلى الأُمم التي سبقت أُمتك، إِلا رجالًا من البشر مثلك، نوحى إِليهم على لسان الملك ما نوحيه من العقائد الحقة والشرائع اللائقة بحالهم وزمنهم وبقصص الأَنبياء الذين سبقوهم مع أُممهم، كما نوحى إِليك، فما بالهم ينكرون عليك الرسالة لأنك بشر، ولست في ذلك بدعًا من الرسل، فكلهم من البشر.

والواقع أَنهم يجادلون بالباطل، فهم على علم بأَن الرسول لا يكون إِلَّا بشرًا، إِذ أَنهم يقرون برسالة إبراهيم وإسماعيل، ولهذا يحجون البيت الحرام الذي بنياه، ويزعمون أنهم على شريعتهما، ولقد عاملهم الله بجهالتهم ومغالطتهم، فقال لهم:

﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾: أَي فاسأَلوا أَيها الجاهلون المفترون على رسالة محمد، اسأَلوا أَهل الكتاب عن الرسل: أَبشرًا كانوا أَم ملائكة، إن كنتم لا تع