للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٣٠ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾:

هذه الآية شروع في بيان حسن أَحوال المؤْمنين في الدنيا والآخرة، بعد بيان سوء أحوال الكافرين فيهما.

والمعنى: إن الذين اعترفوا بربوبية الله رحمه فقالوا: ربنا الله ليس لنا إله سواه، ثم استقاموا على هذا الاعتراف، فلم يروغوا رَوغَان الثعالب، وأَتبعوا هذا الاعتراف بالعمل الصالح، فلازموا الطاعات، وتجنبوا السيئات، حتى لا تزل أقدامهم عن طريق مربوبيتهم وعبوديتهم لربهم - إن هؤلاء الصالحين - تتنزل عليهم الملائكة وهم لا يرونهم، يلهمونهم الخير، وينفرونهم من الشر: ويمدونهم فيما يعن لهم من أُمور الدنيا والآخرة بما يشرح صدورهم، ويدفع عنهم الخوف والحزن، في مقابل ما يفعله قرناء السوء مع الكفرة من إغوائهم ودفعهم للمعاصى.

وهؤلاء الملائكة يصحبونهم في حياتهم وعند مماتهم وبعثهم، قائلين لهم: لا تخافوا من مكروه يقع بكم، ولا تحزنوا على شيء فاتكم، أَو لا تخافوا ردَّ حسناتكم فهي مقبولة، ولا تحزنوا على ذنوبكم فهي مغفورة.

والمقصود إخبارهم بأَن الله كتب لهم الأمن من كل غم بسبب صلاحهم، ولا يقتصرون على ذلك، بل يقولون لهم: أَبشروا بالجنة التي كنتم توعدونها على ألسنة المرسلين ولعل هذه البشارة عند الموت أو البعث من القبور، ولا مانع من أَن يكون إلهاما في الحياة الدنيا، وفقا لقوله - تعالى -: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ (١).

روى الإِمام أَحمد بسنده، عن سفيان بن عبد الله الثقفى قال: قلت: يا رسول الله، حدثني بأَمر أَعتصم به، قال: "قل ربي الله ثم استقِمْ" قلت يا رسول الله: ما أَكْثَر ما تخاف علي؟ فأخذ رسول الله بلسان نفسه ثم قال: "هذا" أَي: عليك لسانَك.


(١) سورة طه، الآية: ١١٢.