للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهكذا يقرر الإسلام الرقابة الدينية على التصرفات البشرية، حتى لا ينحرف الناس عن جادة الصواب.

﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾: هذا تحذير من الانحراف في الاستباق في الحياة الدنيا، يعني أن الله - تعالى - مالك أمركم جميعًا وإليه مرجعكم، فأينما كنتم فوق الأرض، أو في بطنها، أو بين طبقات الفضاء يأت بكم الله إليه جميعًا، بأن يقبضَ أرواحكم، ويحشركم إلى حسابه وجزائه: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ (١). فقدوته عظيمة، وعلمه محيط بكل شيءِ.

﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠)

[التفسير]

١٤٩ - ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ … ﴾ الآية.

ناقشت الآية السابقة السفهاء من الناس، الذين أشاعوا الأَراجيف عند تحويل القبلة، وأفحمتهم بالدليل القاطع، وأَثبتت أن أهل الكتاب - وهم أصحاب الثقافة الدينية في ذلك العصر - يعرفون أن الحق في استقبال الكعبة، كما يعرفون أبناءَهم، ولكنهم ينكرونه مع أنه قبلة جدهم إبراهيم الذي يُشَرِّفون أنفسهم بالانتساب إليه.


(١) العنكبوت: ٢٢.