لقد بيَّن الله ﷿ فيما سبق - أن لكل من الرجال والنساء، نصيبًا في الميراث. وكان بيانًا مجملًا.
وفي هذه الآية - وما يليها - بين الله من يستحق الميراث تفصيلا.
ولقد ذُكرت المواريث في ثلاث آيات من سورة. وهي الآيتان (١١، ١٢) والآية التي ختمت بها هذه السورة، وهي قوله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
وقد قرر الله - في هذه الآيات الثلاث - الميراث للرجال والنساء: كبارهم وصغارهم. وأعطى كل واحد نصيبه. وأبْطل ما كانَ عليه أهل الجاهلية من حرمان الإناث والصغار من الذكور. وتوريث من ليس له حق في الميراث. فقد كانت أسباب الميراث في الجاهلية:
١ - النسب: مع قَصْرِه على البالغين من الرجال: القادرين على الضرب والطعن، وركوب الخيل.
٢ - التَّبَنِّي: فكان للمتبنى ما للابن الحقيقي في الميراث وغيره. وأبطل الإسلام ذلك.
٣ - الحلف والعهد: فكان الرجل يقول للآخر: دمِي دَمُكَ، وَهَدْمِي هَدْمُكَ، وترثُني وأَرثُكَ. فإِذا مات أَحدهما قبل الآخر، ورث الحي الميت.
وبقى هذا الأخير مَعمولا به في صدر الإِسلام، إِلى أَن نزلت آيات المواريث.
وقد كان من أَسباب الميراث، في صدر الإِسلام: الهجرة والمؤاخاة. أول العصر المدني. فقد كان المهاجري يرث الأنصاري، دون قرابته وذوي رحمه، للأخوَّة التي آخى بينهما