المعنى: ونادى أهلُ النار أَهلَ الجنة - بعد استقرار كليهما في دار جزائه - فقالوا لهم: أنزلوا علينا كثيرا من الماء، أو مما رزقكم الله من النعم؛ لما يحسُّونه من حرِّ العطش، وشدَّة الجوع، ووقع العذاب.
﴿قَالُوَا﴾ لهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ لكفرهم، فلا نستطع أَن نعطيكم، ونخالف ما حكم به الله عليكم ..
والتعبير بقولهم: ﴿أَفِيضُوا عَلَيْنَا﴾ يؤْذن بعلو الجنة فوق النار.
والمراد من تحريم الماءِ والرزق عليهم، حرمانهم منهما.
معظم المفسرين على أَن هذا من جملة كلام أَهل الجنة لأَهل النار. فهو وصف مِنْهُمْ للكافرين …
وبعضُهم يرى أَنه ابتداءُ كلام من الله تعالى تعليقا على هذا الحوار. فكأَنه قيل: هم الذين اتخذوا دينهم …
والمعنى: الذين جعلوا دينهم الذي أوجبه الله عليهم - مجال عبادة وصلاح وإصلاح - جعلوه وسيلة لهو ولعب وأهواء .. فجحدوا منه ما جحدوا وبدَّلوا منه - وفق هواهم - ما أرادوا أَن يبدلوا. كشأن اللاهين العابثين. وخدعتهم الحياة الدنيا بزخارفها، فنسوا الآخرة ..
وممّا وقع من اتخاذهم الدِّين لهوا ولعبا - تحريم بعض العرب، البَحيرة والسائبة ونحوهما، ومنه التَّصْدِية والمُكَاءُ حول البيت، والطواف به - عرايا.
أَما البَحيرة: فهي الناقة التي تلد خمسا آخرها ذكر. كانوا يبحرون أُذنها أي يشقونها ويحرِّمون ركوبها وحلبها .. والسائبة: هي الناقة المنذورة: كان الواحد منهم يقول: