أَن في الجبال بعد ذلك من الفوائد الجليلة ما يعطف القلب ويلفت النظر إِلى التفكر في مزيد فضل الله على الإِنسان، إِذ أَن هذه الجبال تنزل الأَمطار عليها وترتطم بها السحب الركامية ويحدث من ذلك السيول الجارفة التي تشق طريقها في الأَرض وتتكون الأَنهار العذبة فيسقي الله منها الإِنسان والحيوان، وينبت الزرع ويدر الضرع، وتحيا الأَرض بعد موتها، وذلك ممَّا يدعو إِلى التبصر والاعتبار، وجاءَ قوله تعالى:(وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا) أَي: عذبًا سائغًا شرابه، جاءَ كالأَثر الطيب المبارك المترتب على تذكير الله لهم بنعمة خلق الجبال وإِيجادها.
(وَيْلٌ يوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أَي: عذاب شديد للمنكرين لهذه النعم التي لا يخفى نفعها ولا ينكر أَثرها العظيم إِلاَّ كلُّ مكذب جاحد.