أَي وإِنا لنحن الذين ننشئكم من العدم، ونجعلكم أَحياءَ ترزقون، ونحن الذين نميتكم وننزع الروح من أَجسادكم، ونحن الوارثون لكم ولأَموالكم ولكل شيءِ في هذا الوجود وكل ما أَعطيناه للخلق فهو عارية مستردة، والملك لله الواحد القهار.
أَي ولقد علمنا من سبقوكم من بني جنسكم، فإِنا نحن الذين أحييناهم وأَمتناهم، وعلمنا أَيضًا المتأَخرين ممن هم أَحياءُ أَو سيوجدون بعدكم، فإِن الخالق الرازق الوارث لا يغيب عن علمه شيءُ، وكيف يغيب أَحد من خلقه عن علمه وهو الذي سيحشرهم ليجازيهم كما ينطق به قوله سُبحانه:
أَي وإِن ربك أَيها الرسول هو وحده الذي يحشرهم ويجمعهم للحساب والجزاء على حسب أَعمالهم، لأَنه تعالى حكيم يضع الشيءَ فى موضعه، فلا يسوى محسنًا بمسيء، واسع العلم فلا يغيب عنه عمل عامل -وبعد أَن بين الله تعالى أَن مصير العباد إِليه وجزائهم عليه، شرع يبيبن قصة آدم مع إِبلبس، ليعرف البشر عداوته لهم فيحذروه، فقال سبحانه:
(صَلْصَالٍ): هو الطين اليابس الذي إذا نقر يكون له صوت، فإِذا طبخ بالنار فهو الفخار، وبهذا قال معظم المفسرين، وقال مجاهد: الصلصال هو الطين المنتن واختاره الكسائي وهو مأْخوذ من قول العرب: صَلَّ اللَّحْمٌ وأَصَلَّ إِذا أنْتَنَ.