للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا يحدث ذلك ما حصل. ولكنه ابتلاهم، ليميز الخبيث من الطيبن والمؤمن من الكافر.

وهذا ما قاله الله تعالى:

﴿فَمِنْهُم مَّنْ آمَن وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ اللهُ مضا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾:

أي: فانقسموا بالابتلاء إلى فريقين: فمنهم من آمن لطيب سريرته، وحسن اختياره. منهم من كفر لخبث نيته، وسوء رأيه. ولو شاء الله لآمنوا جميعًا، ولم يقتتلوا. ولكن الله يفعل ما يريد من ترك عباده لاختيارهم، وحتى يتبين الخبيث من الطيب، ويدفع المؤمنون شر الكافرين وفسادهم، ثم يجزي كلا على حسب عمله: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ … ﴾ (١).

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)

[المفردات]

﴿خُلَّةٌ﴾: الخلة، الصداقة والمحبة للقرابة أو غيرها.

﴿شَفَاعَةٌ﴾: الشفاعة، طلب التجاوز عن السيئة.

[التفسير]

٢٥٤ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَاتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ … ﴾ الآية.

هذه الآية ظاهرة الارتباط بما قبلها، فقد دلت الآية السابقة: على أن القتال بين أهل الحق وأهل الباطل، من سنن الله فلهذا ناسب أن يعقب تلك الآية بمناشدة أهل الحق: أن يجاهدوهم بأموالهم التي رزقهم الله إياها من فضله.

والمعنى: ينادي الله عباده الذين آمنوا به وبكتابه وهدي رسوله، ويأمرهم: بأن ينفقوا - في سبيل الله ووجوه الخير - بعض ما آتاهم الله من فضله، وأنعم به عليهم من رزق حلال


(١) البقرة: من الآية ٢٥١