والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة منطقه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والحق شريعته، والعدل سيرته، والهدى إمامه، والإِسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدى به بعد الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأُعرف به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة وأؤلف به بين أُمم متفرقة، وقلوب مختلفة، وأهواء مشتتة، وأستنقذ به فئامًا (١) من الناس عظيمة من الهلكة، وأجعل أُمته خير أُمة أُخرجت للناس، يأْمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، موحدين مؤمنين مخلصين، مصدقين لما جاءَت به رسلى، ألْهِمُهُم التسبيح والتحميد، والثناء والتكبير والتوحيد، في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يصلون لي قيامًا وقعودًا، ويقاتلون في سبيل الله صفوفًا وزحوفًا، ويخرجون من ديارهم ابتغاءَ مرضاتي ألوفًا، يُطهِّرون الوجوه والأطراف، ويَشُدون الثياب في الأنصاف، قربانهم دماؤهم وأناجيلهم في صدورهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، وأجعل في أهل بيته وذريته السابقين والصديقين والشهداء والصالحين، أُمته من بعده يهدون بالحق وبه ويعدلون أُعِزُّ مَنْ نصرهم، وأُؤيد من دعا لهم، وأَجعل دائرة السوءِ على من خالفهم أو بَغَى عليهم أو أراد أن ينتزع شيئًا مما في أيديهم، أجعلهم ورثة لنبيهم، والداعية إلى ربهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم، أختم بهم الخير الذي بدأته بأَولهم، ذلك فضلى أُوتيه من أشاءُ وأنا ذو الفضل العظيم) أخرجه ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه اليمانى.
وقد اشتملت هذه الآية على خمسة من أَسمائه ﷺ وقد سماه الله رءُوفًا رحيما، ويقول القرطبي: قال ﷺ، فيما روى عنه الثقات العدول -: "لي خمسة أَسماءٍ: أنا محمَّد وأَحمد وأَنا الماحي الذي يمحو الله بى الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمى وأنا العاقب" ثم يقول القرطبي: "وقد ذكر القاضى أبو بكر بن العربى في أحكامه في تفسير هذه الآية من أسماءِ النبي ﷺ سبعة وستين اسما" اهـ.
(١) الفئام - ككتاب -: الجماعة من الناس، لا واحد له من لفظه.