كما حلت بالمكذبين قبلهم. وكيف يحق لهم أن يأمنوا إنزال أشد العقوبات بهم مع قدرته جل شأنه على:
﴿أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ﴾: أي يهلكهم بالخسف وهو تغييبهم في الأرض بتغْويرها بهم - قال ابن عباس: كما خسف بقارون - يشير بذلك إلى قوله سبحانه ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾ (١).
﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾: أي يأتيهم عذاب الله وهم في غفلتهم ولهوهم، أو من مأمنهم حيث يبتغون الأمن والسلام، أو من الجهة التي يرجون منها الخير والبركة. كما فُعل بقوم لوط وغيرهم من الأمم المهلكة.
ولقد حدث لهم ذلك يوم بدر، فقد أهلكوا مع كثرتهم عددًا وعتادًا وهم يأملون النصر والغنيمة.
٤٦ - ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾: أي ينزل بهم العذاب في تنقلهم للتجارة بعيدين عن مساكنهم. قاله قتادة، وقال الزجاج: المراد ما يعم سائر حركاتهم في أمورهم ليلا ونهارًا.
﴿فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾: أي فلا يستطيعون الإفلات والفرار من عذابه تعالى لأنه لا يعجزه شيء يريده، فهو القوي العزيز.
٤٧ - ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾: أي يأخذهم على مخافة وحذر من العذاب والهلاك.
بأن يأخذ طائفة. ويدع أخرى، فتخاف أن ينزل بها من العذاب مثل ما نزل بصاحبتها. أو أن تحدث حالات يخاف فيها عادة كالأعاصير والزلازل والصواعق فيتخوفوا منها فيأخذهم العذاب في حال تخوفهم. أو يأخذهم على تنقص في أنفسهم وفي صحتهم وأموالهم وأولادهم وموارد رزقهم إلى أن يهلكوا جميعًا. فهم في كل لحظة بسبب ما حل بهم في خوف من العذاب لأنهم يترقبون وقوعه.
ويلاحظ أن التنقص من معاني التخوف لغة كما سبق بيانه في المفردات. ولما كان المتقلبون في البلاد ليلا ونهارا للتجارة غيرها. بعيدًا عن المسكن والملجأ. مظنة الفرار من العقاب عند ظهور أول بوادره وكذلك المتخوفون من حلول العقاب بهم، فلهذا عبر سبحانه