والدية: عوضٌ عن دم القتيل. وهي مائة من الإبل أَو قيمتها بالدراهم أَو الدنانير.
وقد قدَّرها عمر ﵁ بألف دينار على من يتعاملون بالذهب، واثنى عشر ألف درهم على من يتعاملون بالفضة.
رَوَى أَبو داود عن عمر ﵁: على أهل الإِبل مائة بَدَنة، وعلى أهل البقر مائتا بقرة، وعلى أهل الشاء ألف شاة، وعلى أهل الحلل مائتا حلة. وتتحمل عشيرة القاتل عنه دفع الدية، فإن لم تكن له عاقلة، وجبت على بيت المال، فإن لم يكن فيه، وجبت في مال القاتل .. ولا تسقط هذه الدية. إلا في حالة تنازل أهل القتيل عنها.
وهذا التنازل نوع من المعروف. وكل معروف صدقة؛ ولذا قال تعالى:
﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾: أي تجب الدية إلا أن يَعْفُوَ أهلُ القتيل بالتنازل عنها، وسُمِّيَ هذا التنازلُ صدقةً. حَثًّا لن يستحقون الدية على التنازل عن الديات، وتنبيها على فضل العفو.
أي: فإِن كان المقتول خطأً من قوم كفار معادين للمؤمنين - وهو مؤمن - فالواجب في هذه الحالة: عتق رقبة مؤمنة، وفِكَاكها من قيد الرق، وإطلاق حريتها: كفارة عن هذا القتل الخطأ. ولا دية … لأنها تعود على أعداء المسلمين المحاربين. ولا يجوز أن يدفع المسلمون أموالهم إِلى عدوهم ليتقوى عليهم بسببها ويحاربهم بها. وفي تحرير النفس المؤمنة تعويض للمسلمين عن ذلك القتيل؛ لأن الرق غُلٌّ في عنق الرقيق: يمنعه من العمل النافع له وللمجتمع، من حيث إنه لا يملك نفسه، فكان في حكم الميت. وفي إطلاق حريته بالعتق إحياءٌ له.
أي: وإِن كان المقتول خطأ، من قوم كفار بينكم - أَيها المسلمون - وبينهم عهد وميثاق، وليسوا أَعداءٌ لكم، فالواجب - في هذه الحالة - المبادرةُ بأداءِ ديةٍ تسلم إلى أَهل القتيل: تعويضًا عن دمه، كما يجب - كذلك - عتق نفس مؤمنة؛ لأن دماء هؤُلاء قد عُصِمت، بحكم ما بينهم وبين المسلمين من ذمة وميثاق.