إلى أبيه حارثة، قال القرطبي: روى الأئمة أن ابن عمر قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى نزلت: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾.
وكان زيد - فيما روي عن أنس بن مالك وغيره - مسبيًّا من الشام، سَبَته خيل من تهامة، فابتاعه حكيم بن حزام بن خويلد، فوهبه لعمته خديجة، فوهبته خديجة للنبي ﷺ فأقام عنده مدة، ثم جاء عمه وأبوه يرغبان في فدائه، فقال لهما النبي ﷺ وكان ذلك قبل البعثة: خَيِّراه، فإن اختاركما فهو لكما دون فداءٍ، فاختار الرق مع رسول الله ﷺ وآثره على حريته وقومه، فقال محمد ﷺ:"يا معشر قريش، اشهدوا أنه ابني يرثني وأرثه" فرضي بذلك أبوه وعمه. اهـ: من القرطبي بتصرف يسير.
وكان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه من الرجل جلده وظرفه ضمه إلى نفسه، وجعل له نصيب الذكر من أولاده من ميراثه، وكان ينسب إليه فيقال: فلان ابن فلان. ذكره القرطبي.
والمعنى الإجمالي للآية: ما خلق الله لرجل من قلبين في صدره، بل خلق له قلبًا واحدًا يعيش على نبضاته، ويعى أصناف العلم بسببه، وما صير أزواجكم في حكم أمهاتكم من حرمة المباشرة، حتى تجعلوهن مثلهن فيها، وما جعل الغرباء من عتقائكم وغيرهم أبناءً لكم، حتى تعطوهم حكمهم في الميراثِ وحكم عدم نكاح زوجاتهم، ذلك الذي تزعمونه في شأن هؤلاء جميعًا هو قولكم بأفواهكم، دون أن يكون له نصيب من الصحة، والله يقول الحق في شأنهم وفي كل أحكامه، وهو يهدي بشرعه إلى الطريق المستقيم.
في هذه الآية زيادة بيان لحكم التبني في الإِسلام، قال النحاس: هذه الآية ناسخة لما كانوا عليه من التبني، وهو من نسخ السنة بالقرآن: اهـ. وبيان ذلك أن النبي سن