هذه الآية كالتعليل لنفي الإِيمان عنهم، أي وما هم بمؤْمنين حقا؛ لأنهم يخادعون الله والمؤْمنين
بما يقولون.
والخدْع: ان توهم غيرك خلاف ما تخفيه من المكرره. أَما الخادعة فإنها في أصل معناها
تقتضى أن يكون من الجانبين، ولكن قد يراد منها المبالغة في الخدع من جانب واحد، وهو
المقصود هنا. ولذا قريءَ ﴿يَخْدَعُون﴾ على الأصل.
وخداعهم الله -بحسب زعمهم- جهل منهم بالله، إذ لو عرفوه لعلموا أنه لايُخْدَعُ، لأن الخداع إنما يكون مع من لا يعرف البواطن. وخداعهم للمؤْمنين غفلة منهم، فنفاقهم غير خاف على أحد منهم فقد فضحهم الله، وأظهر رسوله على نفاقهم، وفضحوا أنفسهم في غزوة أحد، ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ (١)، ولذا قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾. فإن من خادع من لا يُخْدَع فقد خدع نفسه، لانه يظهر لها بفعله انه يحقق لها أمنيتها من التقية والسلامة، مع أَنه يوردها به موارد العطب، ويجرعها كأس العذاب وأليم العقاب والحرمان من دار الثواب.
ويجوز أن يكون المعنى: وما يعود ضرر خداعهم إلا على أنفسهم، فإنهم سيعذبون به في أخراهم، وسيفضحهم الله في الدنيا باطلاع نبيه على ما أضمروه.
﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾: أي وما يفطنون لهذه العاقبة، لتمادي غفلتهم، كالذي لا حس له ولا شعور.