المعاني: حرمة المكث على المدعو إلى طعام بعد أن يطعم، إذا كان في ذلك أَذى لرب البيت، وليس ذلك مختصًّا بما إذا كان اللبث في بيت النبي ﵊.
﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾: شروع في بيان الأَمر الثاني الذي تضمنته الآية وهو أمر الحجاب لزوجات الرسول، وفي حكمهن نساءُ الأُمة.
والمعنى: وإذا طلبتم من نساء رسول الله ﷺ شيئًا ينتفع به، فلا تسأَلوهن إلَّا من وراءِ ستر يستر بينكم وبينهن فإن سؤالكم لهن من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من خواطر الشيطان ونوازع الفتن (١)، وأَنفى للريبة وأبعد عن التهمة.
وكان النساءُ قبل نزول الآية يبرزن للرجال، وكان عمر ﵁ يحب ضرب الحجاب عليهن، أخرج البخاري، وابن جرير، وابن مردويه عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: قال عمر بن الخطاب ﵁: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أَمرت أُمهات المؤمنين بالحجاب، فأَنزل الله - تعالى - آية الحجاب.
وقد ورد في الصحيح عن ابن عمر، قال عمر: وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أَسارى بدر، وقال أَنس بن مالك وجماعة: سببها أَمر القعود في بيت زينب: القصة المذكورة آنفًا.
قال القرطبي: هذا أَصح ما قيل في أَمر الحجاب، وما عدا هذين القولين من الأَقوال والروايات، لا يقوم شيءٌ منها على ساق.
﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ﴾ أي: لا يصح ولا يستقيم أَن يقع منكم إيذاءٌ لرسول الله في حياته بفعل ما يكرهه ويتأَذى منه، كالمكث الذي كنتم تفعلونه، والاستئناس لحديث بعضكم بعضًا ومكالمة نسائه من غير حجاب ونحوها.
وفي التعبير عنه ﷺ برسول الله لتقبيح ذلك الفعل وأَنه بعيد بمراحل عما تقتضيه منزلته، وما يتطلبه علو شأْنه عند ربه حيث اختاره لرسالته.
(١) وهي: الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال، فإن الرؤية سبب التعلق والفتنة.