للنفس على الخصوص دون غيرها لا تكون حقا إلاَّ من الله ﷿ قال الزمخشرى: الاستكبار بالحق إنما هو لله وحده، وكل مستكبر سواه فاستكباره بغير حق، وفي الحديث القدسى:"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما ألقيته في النار".
وأكثر المفسرين على أن الأرض هي مصر، وقيل: مطلق الجرم المقابل للسماء، وفي التقييد بها زيادة تشنيع عليهم، وتسفيه لعملهم، حيث استكبروا في أسفل الأجرام بغير استحقاق ولا تأهيل، ومعنى قوله تعالى: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ﴾: توهموا أن لا معاد ولا بعث، وأنهم لا يعودون إلينا، ولا يرجعون لنا لملاقاة الجزاء، ومواجهة العذاب.
والتعبير عن اعتقادهم بالظن إما على ظاهره، وإما تحقير لهم، وسخرية باعتقادهم؛ حيث بنوه على الأوهام.
أي: فباغتنا فرعون وجنوده فأخذناهم فنبذناهم وطرحناهم في البحر، ورميناهم فيه رمي البقايا التالفة والمخلفات التافهة، وفيه فخامة وتعظيم لشأن الآخذ، واستحقار شديد للمأخوذين وكأنه أخذهم مع كثرتهم وطرحهم في اليم كما يأخذ الإنسان شيئًا عديم القيمة فيرميه.
﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ أي: فتأمل يا رسول الله وانظر كيف انتهت عاقبة هؤلاء الطغاة وكيف استحال تجبرهم وكفرهم، وبَيِّنْ هذا لقومك وللناس ليعتبروا ويتدبروا.
المعنى: خلقناهم وصيرناهم في عهدهم قدوة للضلال يدعون إلى موجبات النار في الدنيا من الكفر والمعاصي، ويوم القيامة لا ينصرون من أحد بدفع العذاب أو تخفيف ويلاته عنهم بوجه من الوجوه.
وأتبعناهم في هذه الدنيا التي فتنتهم وصرفتهم عن اتباع الهدى - أتبعناهم - لعنة وطردًا وإبعادا عن الرحمة، أو أتبعناهم لعنًا من اللاعنين الذين يجرى ذكرهم على ألسنتهم، حيث لا تزال الملائكة تلعنهم والمؤمنون خلفا عن سلف.