للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾:

يريد بذلك إما نهيهم عن أن ينقصوا الناس حقوقهم في جميع أمورهم بصفة عامة، حسية كانت أو معنوية، وإِما تأكيد أمره لهم بالإيفاء بالمكيال والميزان بالقسط خاصة بالنهي عن نقصهم الناس حقهم في الإيفاء بهما.

والمعنى على الأول: ولا تنقصوا الناس أمورهم في أموالهم وأعراضهم وعقارهم ومنقولهم، وزرعهم وضرعم، وبيعهم وشرائهم، وغير ذلك مما عز وهان.

والمعنى على الثاني: ولا تنقصوا الناس حقوقهم في بيعهم وشرائهم، بعدم إتمامكم المكيال والميزان لهم.

ثم عقب نهيهم عن بخس الناس أشياءهم بقوله:

﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾:

والعُثُوُّ في الأرض؛ الإفساد فيها،. وقد يحدث لغرض الإصلاح كحرب البغاة والمرتدين وقُطَّاع الطريق، وكقتل صاحب موسى للغلام وخرقه للسفينة، وهذا وإِن كان ظاهرهُ الإفساد فهو جائز للضرورة وقد يكون لغرض الإفساد والإصرار بالخلق وهذا هو المذموم والمنهى عنه.

والعثو المذموم يعلم جميع أنواع الإفساد والعدوان كقطع الطريق وتهديد الأمن وقطع الشجر وقتل الحيوان وغير ذلك، وقد كانوا يصدون الناس عن اتباع شعيب والإيمان به وينشرون الفساد في الأرض قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ (١).

وقيل: معناه ولا تعثوا في الأرض مفسدين أَمر آخرتكم ومصالح دينكم.

ثم زهدهم في تلك الأفعال القبيحة وأرشدهم إلى ما هو خير وصلاح فقال:

٨٦ - ﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾:

أي ما أبقاه الله لكم من خيرى الدنيا والآخرة بعد إيفاء الكيل والوزن والتنزه عن المحرمات خير لكم وأَنفع من الكسب الحرام وإن كثر، إن كنتم مصدقين بما شرعه الله لكم


(١) سورة الأعراف من الآية: ٨٦