للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما فرضه الله على كل أُمة، لما له من فوائد جسمية وروحية.

والحكمة في تشبيه فرضه علينا بفرضه على من كان قبلنا، هي تخفيف مشقته على الصائمين، فإنه إذا كان شريعة عامة في جميع الديانات، كان ذلك أدى إلى الصبر عليه، وعدم التقصير فيه. ولأهميته جُعِل الركن الرابع من أركان الإسلام، كما في الحديث الصحيح المجمع عليه: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصومِ رمضان، والحجِّ". رواه ابن عمر عن الرسول .

والصوم لغة: الإمساك، ومنه الصوم عن الكلام، كقول مريم : ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ (١).

وشرعًا: الإمساك عن الطعام والشراب ومباشرة النساء، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مع تبييت النية.

وللصيام آثار حسنة كثيرة.

فهو يربي الوازع النفساني، وينمي الإرادة، ويبعث على الخير، ويقمع الشر، ويُعلم الصبر، ويحقق المساواة بين الفقير والغني في الجوع، ويذكر الغني أخاه الفقير، فيعطف عليه، ويعينه .. إلى غير ذلك من الفضائل. وله فوائد صحية عديدة، أجمع عليها الأطباءُ.

﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾: لعلكم بالصوم تتقون المعاصي، فإنه يذكر الصائم بخشية ربه، ولذا حببه الرسول إلى الشباب الذين لا يجدون مئونة الزواج.

فقد جاء في الصحيحين: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاءٌ". (٢)


(١) مريم: ٢٦.
(٢) أي دفع للشهوة وقمع لها.