أَي عندى لكل خصم تقدير له وعلم به، وهو معنى مجازى للوزن الذي هو في الأَصل تقدير الشيءِ بالميزان الحسى المعروف، فاستعمل هنا في لازم معناه، وهو مطلق التقدير والعلم.
وفسر الحسن وابن زيد الإِنبات بالإِنشاءِ، والوزن بمعناه الحقيقى مع إِعادة الضمير على الجبال والمعنى على هذا الرأْى: وأَنشأْنا في الجبال الرواسى من كل شئٍ يوزن حقيقة، كالذهب والفضة والنحاس والرصاص إِلخ، والمعنى الأَول أَظهر.
بين الله سبحانه في الآية السابقة أَن أَنبت لنا في الأَرض أَقواتنا وما نتقى به العلل والأمراض من مختلف النباتات: وبين في هذه الآية أَنه يسر لنا فيها أَسباب المعايش المختلفة، ولم يجعلها قاصرة على الزراعة، كما أَنعم علينا بالأَولاد، الأَنعام وتكفل بأَرزاقهم والمعنى: وجعلنا لكم في الأَرض التي بسطناها أَسبابًا للمعيشة كالصناعة والهندسة والزراعة والطب وغير ذلك من الحرف المختلفة، وجعلنا لكم أيضا أَولادًا تقرُّ بهم أَعينكم، وأَنعامًا تحملون عليها أَثقالكم، وتستكملون بها أَرزاقكم، ولم نكلفكم شيئًا من أَرزاق هؤلاءِ وأُولئكم، بل تكفلنا بأَرزاقهم كما تكفلنا بأَرزاقكم، ثم بين أَن كل شيءٍ خاضع لتصرفه وحكمته فقال سبحانه:
ليس المقصودُ من الخزائن حقيقتها فإِنه تعالى لا تختزن مقدراته في خزائن، كما يختزن الملوك نفائس الأَموال فيها، بل الآية فيها أَسلوب بلاغى رفيع. ففيها استعارة مكنية تخييلية، أَو استعارة تمثيلية.
المعنى: وما من شيءٍ من المقدورات التي ينتفع بها الخلائق إِلا وهو مقدورٌ لنا خفِىُّ عن أَبصار عبادنا، لا تصل إليه عقولهم وعلومهم قبل أَن نبرزه لهم، ونمُنَّ به عليهم، فهو يشبه النفائس الخبيئة في خزائن الملوك، فلا تعلمها رعاياهم، ولا قدوة لهم على