قال قتادة: كانوا إذا قيل لهم: من ربكم وخالقكم، ومن خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء؟ قالوا: الله، فيقال لهم: ما معنى عبادتكم الأصنام؟ قالوا: ليقربونا إلى الله زلفى، قال الكلبي: جوابه في سورة الأحقاف: ﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً﴾ (١).
وجملة ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ مقول لقول مقدر، أي: قالوا: ما نعبدهم وبه قرأ ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد.
ومعنى الآية: ألا لله الطاعة الخالصة من شوائب الشرك، فإنه المنفرد بصفات الأُلوهية والاطلاع على الأسرار والضمائر، والذين اتخذوا من دون الله أربابًا ونصراء، قالوا في تبرير عبادتم لهم: ما نعبدهم إلاَّ ليقربونا إلى الله تقريبًا، يقولون ذلك مع أن الله أقرب إليهم من حبل الوريد، إن الله يحكم بينهم وحده يوم القيامة فيما هم فيه مختلفون مع أهل الحق، فيقضى بإدخال أهل الحق الجنة، وأهل الباطل النار.
وقيل المعنى: يحكم بينهم وبين معبوديهم، فإنهم يرجون شفاعتهم وهم يلعنونهم؛ أن الله لا يوفق من هو كاذب كفار إلى الاهتداء للحق، لإصراره على الكذب، ومبالغته في الكفر.
هذه الآية للرد على من زعم أن الملائكة بنات الله وأن عيسى ابن الله.
وحاصل معنى الآية: لو أراد الله أن يتخذ ولدا ويسميه بهذا الاسم ما جعل هذه التسمية لهم، وكان يصطفى مما يخلق ما يشاء ويسميه بهذا الاسم، لكنه لا يصطفى من المخلوق الحادث ولدًا لاستحالة الولدية عليه - تعالى - ولأن الحادث لا يصلح ولدا للقديم، وحيث بطلت الولدية للحادث، فيستحيل على الله أن يريد اتخاذ الولد، وهذا معنى ما يقوله علماء المنطق: إذا بطل التالى بطل المقدم.