٧٥ - ﴿قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ في رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ﴾:
أي قال إخوة يوسف جزاءُ الصواع المفقود في شريعتنا أَخذ من وجد في رحله، واسترقاقه فكذا يعاقب السارق عندنا وهذا جزاؤُه، ثم أَكدوا هذا الحكم مرة أُخرى بقولهم:
(كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ):
أَي مثل هذا الجزاءِ نجزى الظالمين بالسرقة في شريعتنا، يقولون ذلك ثقة ببراءَتهم منها، وهم غافلون عما دُبِّر لهم.
فبدأَ يوسف بتفتيش أَوعية إِخوته العشرة الذين هم من أَبيه، قبل تفتيش وعاء أَخيه الشقيق بنيامين، لنَفْىِ التهمة في أَول الأمر عن نفسه إِن بدأَ به، فإِنهم حينئذ يقولون إِنه جعلنا نطلبه من أَبيه ليفتعل هذه التهمة لأَمر يريده لم ينكشف لنا بعد، فلهذا أَبقاه بعدهم، ولينسيهم فرحتهم ببراءَتهم أَولا، ما حدث لأَخيهم من أَبيهم أَخيرا، بل وليدفعهم ذلك إِلى قالة السوءِ فيه وفي يوسف وهو قولهم: ﴿إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ وسيأْتى الكلام في بيانه.
﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾:
أي مثل ذلك الكيد المحكم حيث أَرشدنا الإخوة إلى الإِفتاءِ باسترقاق من وجد في رحله، مثل ذلك الكيد عندنا لأَجل يوسف أَي دبرنا له المقدمات لكي يحصل بها غرضه وتلك المقدمات هي دس الصواع في رحالهم وما تلاه حتى آل الأَمر إِلى تحقيق ما أَراده من بقاء بنيامين معه.
(مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ في دِينِ الْمَلِكِ):
هذا تعليل لما قبله، أَي كدنا ليوسف بهذه الطريقة، لأَنه ما كان يستطيع أَن يأْخذ أَخاه فيما يدين به الملك في أَمر السارق أَي في حكمه وقضائه الذي يَدِينُ به هو وشعبه فإِنه لم يكن جزاءُ السارق فيه الاسترقاق، بل عقوبة أُخرى كالضرب والتغريم، فلهذا جعله يحتكم إِلى شريعتهم حتى يستبقيه لديه.