"لَعَنَ اللهُ تَعَالَى الْيَهُودَ وَالنصَارَى. اتخَذُوا قبُورَ أنْبِيَائِهِم مَسَاجِد" أَخرجه الشيخان والنسائي عن عائشة، ومُسلِم عن أبي هريرة، إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الناهية عن اتخاذ المساجد فوق القبور.
ويرى بعض علماء الحنابلة وهدم المساجد التي تبنى على القبور، والقباب التي تبنى عليها، على أَن الآية ليست نصا في أنهم بنوها وفق شرعهم، فليس فيها سوى حكايته قول طائفة من الناس وعزمهم على فعل ذلك، وليست خارجة مخرج المدح والحض على التأسي بهم، فحيث لم يثبت أن فيهم معصوما لا يدل فعلهم فضلا عن عزمهم على مشروعية ما كانوا بصدده، ولك أن تقول أَيضًا: إن اتخاذهم المسجد عليهم، يراد منه اتخاذهم إِياه عند قبرهم في كهفهم، وقريبًا منه، وقد جاء التصريح بالعندية في رواية السدي للقصة، ومثل هذا الاتخاذ ليس محظورًا، ويمكن أن يقال إن (على) في قولهم ﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ يمكن أن تكون بمعنى لام التعليل، أَي لنتخذن لأجلهم مسجدًا، كما تقول لشخص أحَسن في صُنْعِه: لأعطينك عليه جائزة، أَي لأعطينك لأجله هذه الجائزة، ومن كل ذلك نفهم أَنه لا يوجد في الآية ما يستدل به على جواز بناء المساجد فوق الأضرحة.