لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكٌ هو لك. تملكه وما ملك" فهم يوحدونه بالتلبية، ويدخلون معه آلهتهم، ويجعلون ملكها بيده، وفي مثل ذلك يقول الله تعالى:
﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾. وكانت لهما أَصنام مشتركة، وأخرى لطائفة دون أخرى، أو لبيت دون آخر، ولما دخل رسول الله ﷺ المسجد الحرام يوم فتح مكة، وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنمًا فجعل يطعنها بِسِيةِ (١) قوسه في عيونها ووجوهها وهو يقول: "جَاءَ الْحقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" ثم أمر بها فكُبَّتْ على وجوهها، ثم أخرجت من المسجد ودُمِّرت.
معنى الآية:
وقال الله الذي عرفتم سلطانه في هذا الكون: لا تتخذوا يا عبادى لكم إِلهين اثنين فضلًا عما فوقهما إِنما الإِله إله واحد لا شريك له، إذ ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾.
ثم التفت النص الكريم من الغيْبةِ إلى التكلم، لِتربِيةِ المهابة والرهبة فقال:
﴿فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾: أَي إِن كنتم ترهبون شيئًا وتخافون منه، فإِياى ارهبوا وخافوا دون سواى، فليس غيري أحقّ بالرهبة، فارهبوني فإِنني أَنا الواحد الذي يسجد له ما في السماوات والأَرض ويخضع لسلطانه.
ثم بين الله سبب وجوب توحيده بالعبادة والرهبة بقوله:
أَي ولله وحده كل ما في السماوات والأرض، من أَجزائهما وما استقرَّ فيهما، له كل ذلك خلقًا وملْكًا وتصرفا، وله الطاعة والانقياد واجبًا ثابتًا لا يستحقه سواه، لِما تقرَّر من أَنه الإله الواحد الحقيقُ بأن يُرهب.
وعلى تفسير الدين بالجزاء يكون المعنى: وله الجزاء دائمًا، فلا ينقطع ثوابه عمن آمن وعمل صالحًا، ولا عقابه عمن كفر وصدَّ عن سبيله.