للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و (قَدْ) هنا للتحقيق، وعبر بالمضارع: (نَرَى): استحضارًا للصورة الماضية، أو إيذانًا بتعدد الرؤية، حسب تجدد تقلب وجهه .

﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾: استجبنا لرجائك، فلنحولنَّك إلى القبلة التي تحبُّها وهي الكعبة. والتأكيد باللام والنون، يفيد أنَّ هذا الوعد الكريم لابد من حصوله.

وارتضاء النبي للقبلة: حُبّه لها، لمقاصد دينية وافقت مشيئة الله وحكمته.

والتعبير عن الوعد بتحويل القبلة بهذا الأسلوب، فيه من تكريم النبي ما لا غاية وراءه. وقد عقب الوعد بالتنجيز، فقال:

﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾: أي فاصرفه نحوه لوجود الكعبة فيه. والمراد بالحرام: المحرَّم، لأن القتال فيه محرم.

والتعبير عن الكعبة بالمسجد الحرام: إشارةٌ إلى أنَّ الواجب هو مراعاة الجهة.

روى ابن ماجة، والحاكم والدارقطني، عن النبي أنَّه قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".

وروى البيهقي، أنه قال: "البيت قبلة المسجد. والمسجد قبلة لأهل الحرم. والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أُمتي).

﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾: توجيه الأمر للأمة بعد توجيهه للنبي لئلا يلتبس الحكم على المسلمين، فيظنوا أنَّ الأمر خاص به وحده أي وفي أي مكانٍ من الأرض وجدتم، فاصرفوا وجوهكم في الصلاة نحو المسجد الحرام.

وفي الآية إشعار بانتشار الإسلام في بقاع الأرض، وأن المسلمين سيفتح الله عليهم البلاد، وأن عليهم - حيثما كانوا - أن يتجهوا في صلاتهم نحو المسجد الحرام.

﴿وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾: المقصود بالذين أُتوا الكتاب هنا: الذين اعترضوا وشنعوا على المؤمنين حينما انصرفوا عن استقبال بيت