ومن العلماء من فسَّر قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾: تَوَجَّهُوا إلى الجهة التي أمركم الله تعالى بالتوجه إِليها في صلاتكم. وهي الكعبة، في أي مكان كنتم …
والظاهر أن الوجه الأول هو المقصود من الآية. وخلاصته: توجهوا بنفوسكم وقلوبكم إِلى الله تعالى - وحده - للعبادة، فإنهم كانوا يتجهون بها إلى الأصنام.
ولذا عقبه الله بقوله: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾.
أمَّا الأمر بالاتجاه إِلى الكعبة، فلا يساعد عليه المقام.
﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ﴾:
أي: كما أنشأَكم ابتداءً - من غير مثال سبق - تعودون إليه انتهاءً.
٣٠ - ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾:
أي: فَريِقين؛ فريقا هداهم الله إِلى الحق، واستحقوا بذلك المثوبة بالجنة. وفريقا ثبتت عليهم الضلالة، واستحقوا العقوبة بالنار.
ومعنى هداية الله للعبد، توفيقه إِياه، عندما أخذ بأسباب الحق مخلصا.
والهداية المذكورة، قد تكون من البداية إلى النهاية، وقد تكون في النهاية بعد بداية غير صالحة. نسأَله - تعالى - حسن الختام.
ثم علَّل ثبوت الضلالة. وآثارها عليهم بقوله:
﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾:
أي: وفريقا ثبتت عليهم الضلالة وآثارها؛ لأنهم اتخذوا الشياطين أولياءَ وقادة لهم في أمور دينهم، فأطاعوهم من دون الله، وهم يظنون أنهم - بذلك - مهتدون.
وفي الآية تحذير شديد من الوقوع في المعاصي، بأنهم - أَي العصاة - عائدون إلى الله تعالى، لحسابهم على أَعمالهم.