في الشهوات، والانهماك في الفجور والعصيان، والإعراض عن التوحيد والطاعات، وسموا مسرفين لأَن الله أَنعم عليهم بنعمة الفِكْر والعَقْل وسائر قوى الإدراك، ليستعملوها في تحصيل الخير وعمل الصالحات وتعلم العلوم النافعة، فاستحبُّوا العمى على الهدى واستعملوها في الظلم والتكذيب والفساد، وذلك هو الإسراف، ويستفاد من الآية الكريمة ذم الذين يتركون دعاءَ الله فى الرخاءِ ويتضرعون إِليه عند نزول البلاءِ، والجدير بالمؤْمنين أَن يلجأُوا إلى الله في السراءِ أَيضا، فإن ذلك أَرجى للإجابة في الضراء ففي حديث البخاري:"تَعَرَّفْ إلَى اللهِ فِى الرَّخَاءِ يعْرِفْكَ في الشِّدةِ".
وفي حديث الترمذي عن أَبي هريرة:"مَنْ سَرَّهُ أَن يَسْتَجِيبَ الله - تَعَالَى - لَهُ عِنْدَ الشدَائِدِ وَالْكُرُوب فَلْيُكْثِر الدُّعَاءَ في الرَّخَاءِ".
والآثار في ذلك كثيرة، والمراد من الإنسان: الجنس المتحقق في الكافر الذي يلجأُ إلى الله في الشدة وينساه بعد إنقاذه منها.
ثم أخبر القرآن الكريم المخاطبين بشريعة محمد ﷺ بإِهلاك المكذبين من الأُمم السابقة ليكون إنذارا لمن جحدوا نبوة محمَّد ﷺ فقال تعالى:
أي ولقد أهلكنا الأُممَ الماضية من قبل زمانكم يا أَهل مكة مثل قوم نوح وعاد وثمود وأَمثالهم حين ظلموا بتماديهم في الغى والضلال وتكذيبهم لرسلهم، وقد جاءوهم بالآيات الواضحة والحجج الظاهرة الدالة على صدقهم، كذبوهم في هذه الحالة التي لا ينبغى فيها التكذيب والكفران، لأنها تدعو إِلى التصديق وتقتضى الإيمان.