فأَيُّهم إذا أصابك ضُرُّ فدعوته كشفه عنك، قال: اللهُ ﷿، قال: فأَيّهم إِذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها؟ قال: الله ﷿، قال: فما يحملك على أَن تعبد هؤلاء معه؟ قال: أَردت شكره بعبادة هؤلاء معه، فقال رسول الله ﷺ:(تعلمون ولا يعلمون) قال الرجل بعد ما أسلم: (لقيت رجُلا خَصَمَني)(١) أَي: غلبنى في الخصومة والمقصود من قوله ﷺ(تعلمون ولا يعلمون) أَن هذه المعبودات لا عقل لها ولا علم وأَنتم أيها العابدون أَفضل منها بالعقل والعلم، فكيف تعبدون مَنْ دونكم.
الأَمر هنا موجه إِلى النبي ﷺ وإِلى أمته تبعًا له، فهو إمامهم، وطَلَبُ النبي ﷺ الغفران من ربه لنفسه، إِنما هو من باب هضم النفس، واتهامها بالتقصير في الطاعة مع الله، وليس المقصود أن يسغفر له ذنبًا حدث منه، فإنه ﷺ معصوم من الذنوب.
والمعنى: وقل - أيها النبي أَنت وأُمتك -: يارب اغفر لنا تقصيرنا. في طاعتك، واشملنا برحمتك الدنيوية والأُخروية، وأَنت خير الراحمين، لأن رحمتك وسعت كل شئٍ.
وقد علَّم النبي ﷺ أَبا بكر الصديق ﵁ أن يقول نحوه في صلاته، فقد أَخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أَبي بكر ﵁ أَنه قال: يا رسول الله علمنى دعاءً أدعو به في صلاتي؟ قال:"قل: اللهم إني ظلمت نفسى ظلمًا كثيرًا، وإِنه لا يغفر الذنوب إلَّا أَنت، فاغفر لى مغفرة من عندك، وارحمنى إنك أنت الغفور الرحيم".