للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسندهم في ذلك ما أَخرجه مسلم عن عمارة بن رُوَيْبَة، وأَنَّه رأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوانَ عَلَى المنبر رافعا يديه فقال: قبَّح اللهُ هاتين اليدين. لقد رأيتُ رسولَ الله ما يزيد عن أَن يقول بيده هكذا. وأَشار بإصبعه المُسَبِّحة.

ورُوى جواز الرفع عن جماعة من الصحابة والتابعين - ورواه البخاري عن النبي بسنده إلى أبي موسى الأشعرى قال: "دعا النبيُّ ، ثم رَفَعَ يَدَيْه، ثم رأيْتُ بياضَ إِبْطَيْهِ" وعلى هذا يُحمل إِنكارُ من ينكر سُنيَّة رفع اليدين، على أَنه لم يعلم رواية أَبي موسى الأشعرى.

ويؤَيد سنيَّة الرفع، ما أخرجه الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: "كان رسول اللهِ ، إِذا رفع يديه لم يَحُطَّهُمَا حتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وجْههُ".

قال: هذا حديث حسن غريب.

قال القرطبى: قلتُ: والدعاءُ حسن .. كيفما تيسر، لإِظهار الحاجة والخضوع له - تعالى - فإن شاءَ الداعى، استقبل القبلة ورفع يديه. وهو حسن. وإِن شاء فلا.

فقد فعل ذلك النبىُّ .. انتهى بتصرف.

٥٦ - ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾:

أَي ولا تفسدوا فيها بالكفر والمعاصي، بعد إصلاحها ببعثة الأنبياءِ.

وقد طلب اللهُ من عباده أَن يكون أَمرهم دائرًا بين الخوفِ والرجاءِ. فقال:

﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾:

أَي وادعو اللهَ خائفين من عقابه، طامعين في ثوابه. فهما كجناحى الطائر:

يحملانه في طريق استقامته. فإن انفرد أَحدهما هلك الإنسان. قال تعالى:

﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ (١).


(١) سورة الحجر، الآيتان: ٤٩، ٥٠