للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعدم المبالاة بهم، وإضافة الرب إِلى ضميرهم لبطلان ما هم عليه من اتخاذ الأَصنام أَربابا، ويقال: إنهم قتلوه بعد أَن وقف في صف الرسل وقفة متينة.

٢٦ - ٢٧ - ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾:

اشتملت الآيتان على جوابين عن سؤَالين مقدرين:

الأَول: كيف كان لقاؤه ربه بعد هذا التمسك بالدين، وقتل قومه له؟؟.

والجواب: قيل له: ادخل الجنة جزاءً موفورًا على صدق إِيمانك، وسخائك بروحك ويكون ذلك تبشيرًا له بدخولها، ووعدا له بها وأنه من أَهلها.

الثاني: فماذا قال بعد نيله تلك الكرامة، وتلقيه هذه البشرى؟؟.

والجواب: تمنى علم قومه بحاله ليحملهم ذلك على اكتساب مثله بالرجوع عن الكفر، والدخول في الإيمان إِشفاقًا على قومه أَو ليعلموا أَنهم كانوا على خطأ عظيم في أَمره وأَمرهم، وأَن عداوتهم له لم تكسبه إلا سعادة ونعيما.

ومعنى ﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾: يا ليت قومي يعلمون بمغفرة ربي لي بإيماني به وتركي عبادة الأَصنام وأَنه أَعقبني بذلك هذا الفوز العظيم، والمراد تعظيم رحمته، وتفخيم مغفرته تعالى.

وبالجملة فقد تمنى الرجل أَن يعلم قومه حاله، وعاقبة أمره لقاءَ إِيمانه، وصدق يقينه وتصلبه في دينه، وسخائه بروحه فداءً لعقيدته، وانتصارًا لرسله حتى استحق أَن يكون من جملة المكرمين من الله المبشرين بجنته، الموعودين بنعيمه في حظيرة قدسه، ودار أُنسه، ومستقر رحمته.