المعنى: أَنا لا أَقول بمقالتك الدالة على الكفر من إنكار البعث وغيره. لكن أنا أقول هو الله ربي. فأنا مؤمن مُوحِّد، أَعترف له سبحانه بالربوبية والوحدانية.
وبقوله هذا أثبت لصاحبه الشرك تعريضا. للإيذان بأن كفره كان بطريق الشرك. لأنه لمَّا أَنكر البعث فقد عجَّز البارى ومن عجَّزه فقد سوَّاه بخلقه في العجز وهو شِرك. أو المراد من الشرك مطلق الكفر، وقد أُطلق الشرك عليه كثيرا وجعلوا منه قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ فأريد من الشرك الكفر الشامل لما عليه اليهود والنصارى وما عليه غيرهم، ويقوِّي هذا الإِطلاق قوله تعالى فيما سبق حكاية عن الصاحب الكافر: ﴿وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي﴾ فهو مُقِرٌّ بعدم الشرك والله سبحانه هو ربه لا سواه. ومع ذلك أُطْلق عليه الشرك هنا تعريضا نظرا لأنه يراد منه مطلق الكفر.
في هذه الآية حث وتحضيض من المؤمن للكافر على ما تضمَّنته من النصيحة، وتوبيخ له على تركها. أَي هلا قلت حين دخلت جنتك ونظرت إلى كمال تنسيقها ومختلف ثمارها.
﴿مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ فحمدت الله على ما أنعم به عليك، حيث أعطاك من المال والولد والرجال ما لم يعط غيرك، اعترافا منك بقوته، وإِقرارا بعجزك، وإِيمانا بأنه لو شاء لسلبك هذا العطاء الذي جعلته موضع فخرك واعتزازك، لأَن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. كما قال بعض السلف: من أَعجبه شيءٌ من ماله وولده فليقل ما شاء الله لا قوة إِلا باللهِ .. وروى الإِمام أَحمد بسنده عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:(ألا أَدلك على كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا باللهِ).
أَي إن ترني أَمامك أَقل منك مالا وأولادًا وأعوانًا، فأَملى في فضل الله يجعلني أتوقع أَن يبدل ما بي وبك من الفقر والغنى فيرزقنى لإيماني جنة خيرا من جنتك التي كانت سببًا في طغيانك وكفرك بربك.
﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ﴾: ويبعث على جنَّتك من السماءَ قَدَرا محسوبا يكون سببا في هلا