أن تبيد هذِهِ أبدا﴾: أي ما أعتقد أن تهلك هذه الجنة مدى الحياة، فالمراد بالأبديّة طول المكث .. لا معناها المتبادر، وإنما قال ذلك لطول أمله فى الحياة، وغفلته عن نعمة الله.
والعدول عن التَّثْنية إلى الإفراد فى قوله سبحانه: ﴿وَدَخَل جَنتَهُ﴾ لاتصال إحداهما بالأُخرى كأنهما جنة واحدة. أو لأن الدخول لا يمكن أن يكون فى الجنتين معا في وقت واحد وإِنما يكون في واحدة فواحدة.
أي أنه تمادى فى كفره بإنكاره البعث اعتقادًا منه، وردا على صاحبه لما وعظه وخوّفه قيام الساعة، حيث قال: ﴿وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً﴾ أي لا أَحسبها كائنة وقائمة فيما سيأتي. ﴿وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا﴾: أَي أَنه إِن رد إِلى ربه مبعوثًا -على سبيل الفرض والتقدير- كما زعم صاحبه ليجدنَّ في الآخرة خيرًا من جنته في الدنيا مرجعًا ومصيرًا تمنيًا على الله وادعاءً لكرامته عليه، ومكانته عنده، واعتقادًا بأنه ما أولاه الجنتين إلا لاستحقاقه. يقول هذا ولم يدر بخلده أَنه إمهال واستدراج. حتى إذا أَخذه لم يفلته (١).