فيه من تقلبات جوية، وآفات أرضية أو سماوية، وربما لا تثمر أصلًا في بعض الأعوام نتيجة لما ينزل بها من نوازل، تعوقها عن التفتح وإخراج الزهر المفضي إلى الثمر.
﴿وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾: وأَجرينا بين الجنتين نهرًا غزيرَ الماء، تيسيرًا لسقيهما، وزيادة في جمالهما وطيب هوائهما، وتقديم إيتاء الأكل في قوله تعالى: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا﴾ على تفجير النهر في قوله تعالى: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾ من باب تقديم الغاية على الوسيلة، والمنفعة على سببها لأنها هي المقصودة من إنشاء البساتين، وتفجير الأنهار.
المعنى: وكان لصاحب الجنتين ثمر من أحمال أشجار أُخرى، وكذا من أنواع المال المثمر من ذهب وفضة وحيوان وغير ذلك كما فسره ابن عباس وقتادة وغيرهما، وعلى هذا فالثمر لفظ عام، يطلق على ثمار الاشجار، وعلى جميع أنواع المال المثمر.
وهذا الكافر بدل أن يشكر نعم الله عليه. دفعه غروره وتعلقه بمباهج الحياة الدنيا إلى أَن يقول لصاحبه المؤْمن:
﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾: قال له ذلك وهو يراجعه الكلام في إنكاره البعث وفي تَعْييره له بالفقر، وفخره عليه بالقوة والمنعة، أي أنا أَوْفر منك مالًا تعدَّدت مصادره، وتنوعت موارده، وأعز حشما وأَعوانا.
قال قتادة "تلك والله أمنية الفاجر - كثرة المال وعزة النَّفَر".
أي أَنه تابع اعتزازه وغروره، وتمادى في إعراضه وكفره، ودخل جنته وهو ضار لنفسه حيث عرضها للهلاك، وعرض النعمة للزوال. لوضعه الشيء في غير موضعه. فكان اللائق به أن يعرف للنعمة حقها من شكر المنعم بها، والتواضع لمجريها جل شأنه. لا ما وقع منه من إنكارٍ وكفر، حكاه الله عنه بقوله سبحانه:
﴿قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا﴾: وهذا استئناف أجيب به عن سؤَال مقدر نشأ من ذكر دخول جنته وهو ظالم لنفسه، كأنه قيل: فماذا قال حينئذ، فقيل: ﴿قال مَا أَظنُّ