للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واعلم أَن خروج المؤمنين للجهاد إِذا دعاهم الإِمام فرض كفاية، ما لم يتعين لأَسباب تقتضى ذلك، أَما خروجهم إِليه إِذا دعاهم الرسول فهو فرض عين (١).

والذين تخلفوا في بدر لم يدر بخلدهم أَنهم سيقاتلون جيشًا قدم لإِنقاذ العير، ولذلك تخلفوا مترخصين بأَنهم لم يدعوا للجهاد، وبالجملة فإِن التخلف عن دعوة الرسول للجهاد كالنكث للبيعة فلذلك اشتد الرسول مع هؤلاءِ الثلاثة، حتى لا تتكرر من المؤمنين.

١٢١ - (وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ):

أَي ولا ينفقون في سبيل الله نفقة قليلة ولا كثيرة من مال أَو زاد أَو غير ذلك، ولا يجتازون واديًا إِلى عدوهم إِلا كتب الله لهم ذلك، وجعل في حسناتهم، ليجزيهم الله على كل عمل كسبوه وإِن قل جزاءَ أَفضل عمل عملوه، فيعطى على القليل جزاءً الكثير، كرمًا منه وفضلا.

﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)﴾.


(١) ويرى ابن زيد أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة). وأن حكم وجوب الخروج للجهاد بدعوة الإمام المفهوم من قوله: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) الآية - إنما كان وقت قلة المسلمين، فلما كثروا نسخت وأباح الله التخلف لمن شاء ويرى فريق آخر أنها محكمة، وأنها لأول هذه الأمة وآخرها، ولكن التفصيل الذي ذكرناه أرجح والله تعالى أعلم.