أَي: والله لَئِن سألتهم يا محمَّد عما كانوا يتحدثون به استهزاء وهم سائرون معك إِلى تبوك، بعد أَن فضح الله أَمرهم بما أَوحاه الله إِليك.
﴿لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾: أَي ليقولن معتذرين كذبًا، إِنما كنا ندخل ونمضى في أَحاديث مختلفة للتسلية وتقصير السفر، ولم نكن جادين فيما تحدثنا به، بل كنا لاهين ولاعبين، لا نقصد بذلك سخرية ولا استهزاء، فلما قالوا ذلك أَمر الله تعالى، رسوله ﷺ، أَن يقول لهم ردًّا لاعتذارهم:
﴿أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾: أَي قل أَيها النبي لهؤلاءِ المنافقين، غير ملتفت إِلى اعتذارهم فليسوا فيه بصادقين، - قل لهم - تقريعا: أَبالله القادر على كشف أَسراركم، وآياته المجيدة ورسوله الصادق، كنتم تلهون وتعبثون وتسخرون، إِنّ هذا منكم لمنكر وعجيب لا يصدر إِلا عن كفر عميق وعقل مريض.
أَي: لا تشغلوا أَنفسكم بتلمس المعاذير وانتحالها، رغبة في دفع اللوم والعتاب عنكم، لتحقق كذبها وظهور بطلانها، فإِنكم قد كفرتم بالاجتراءِ على الله والاستهزءِ به وبآياته وبرسوله، بعد أَن أَعلنتم الإِيمان وأَظهرتم الإِسلام.
﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ﴾: أَي إِن نتجاوز عن ذنوب جماعة منكم - فلا نعاقبهم بها - لصدق توبتهم وإِخلاص إِيمانهم، وابتعادهم عن الإِيذاءِ والاستهزاءِ، بعد أَن خاضوا في ذلك مع الخائضين.