فهو ما أخبرهم به من أن الملأ الأعلى اختصموا في شأن آدم، وما كان له من علم بذلك إلاَّ بطريق الوحى لأنه أُمي لا يقرأ ولا يكتب وهو من أمة أمية، فلولا أنه نبي ما كان له أن يعرف ذلك، وسيأتى بيان اختصام الملأ الأعلى.
وروى عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، أن الضمير في قوله: ﴿هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ راجع إلى القرآن، ويدخل فيه ما ذكر في الرأى السابق دخولًا أوليًّا، واختار هذا الرأى بعض الأجلة، ويرشحه ما جاء في أول السورة من قوله - تعالى -: ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾.
وعلى أي حال فالكلام بجملته تحسير للمشركين، وتنبيه على مكان الخطأ منهم، وإظهار لغاية الرأفة والعطف الذي يقتضيه مقام الدعوة.
والمراد بالملأ الأعلى: الملائكة وآدم وإبليس؛ لأنهم كانوا في السماء، فالعلو حِسِّيٌّ، وكان اختصامهم وتقاولهم في شأن السجود لآدم، وسيأتي بيان ذلك قريبًا في قصة آدم.
إن: نافية بمعنى ما، أي: ما يوحى إليَّ حال الملأِ الأعلى، وما يوحى إليَّ من الأمور الغيبية التي من جملتها حالهم - ما يوحى إليَّ ذلك - إلا لأني نذير مبين من جهته تعالى.
ويصح أن يعود الضمير في (يوحى) إلى القرآن الكريم الذي اشتمل على ما تقدم وأعجز البُلغاء ببلاغَتِه وغيرها من فنون إعجازه.