الأَعضاء التي تغسل، إِيماءٌ إلى وجوب مراعاة الترتيب. كما ذهب إِليه الشافعية إِذ لو لم يكن الترتيب واجبا، لأتى بالأَعضاء التي تُغْسل متتابعة، وأَخَّر عنها الممسوح.
وقرئ (وَأَرْجُلِكُمْ): بالجر، عطفا على (رُءُوسِكُمْ): ولا يفيد ذلك أَن الواجب في الرجلين هو المسح، بل للإِيذان بأَنه لا ينبغي الإِسراف في غسلهما. والمسح هنا محمول الغسل كما صرح به كثير من أَهل اللغة.
يقال للرجل إِذا توضأَ: تمسح، ويقال مَسَحَ المطرُ الأَرضَ: إِذا غسلها. وقيل المسح على ظاهره. والأرجل معطوفة على المغسولات. كما في قراءَة النصب .. والجرِّ بسبب المجاورة.
ويرى الشيعة الإِمامية: أَن الواجب في الرجلين هو المسح، أَخذًا من قراءَة الجر ..
وأَوجب داود: الجمع بين المسح والغسل فيهما، مراعاة للقراءتين.
والأَرجح: هو رأَي جمهور الفقهاء. وهذا الوضوءُ: شرور من شروط الصلاة على المحدث حدثا أَصغر. فلا تصح الصلاة بدون الوضوء.
روى الشيخان عن عمرو بن عامر الأَنصارى، قال:"سمعتُ أَنَسَ بنَ مالك يقول: كان النبي ﷺ يتوضأُ عند كل صلاة. قال: قلتُ: فأَنتم كيف تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوءٍ واحد، ما لم نُحدِثْ".
وروى البخاري عن أَبي هريرة، مرفوعًا:"لا يَقبلُ الله صلاةَ أَحدِكُم إِذا أَحدثَ حتى يتوضأَ".
والمذكور في الآية من فرائض الوضوءِ: غسل الوجه، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأْس، وغسل الرجلين مع الكعبين.
على خلاف بين الأَئمة في المقدار الممسوح من الرأْس.
فيرى الشافعية أَن المراد بمسح الرأْس: البعض ولو شعرة، لأَن الباءَ للتبعيض.
ويرى الحنفية: أَن المراد: ربع الرأْس من أَي جانب ويستدلون بما رواه مسلم عن المغيرة: "أَن النبيَّ ﷺ تَوضأَ فمسحَ بناصيتهِ" فهذا الحديث بيَّن المجملَ في الآية.