للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَعَنَّاهُمْ﴾:

أي طردناهم من رحمتنا، عقوبةً لهم؛ لأنهم قد فسدت فطرتهم.

﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾:

أي: أورثنا قلوبهم الغِلظة والقسوة. فهي لا تلين، ولا تنفذ إليها الحجة، ولا تؤَثر فيها الموعظة.

﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾:

أي يغيرون كلام الله في التوراة، بالمحو والإِثبات، والزيادة والنقصان، وسوءِ التأويل.

﴿وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾:

أي: وأعرضوا عن بعض ما أمِروا به في التوراة، من إتباع الرسول والإِيمان به، وغير ذلك. وإنما قال: يحرّفون، ولم يقل: حَرّفوا؛ للدلالة على أن هذا الخلق طبع فيهم؛ تتجدد آثاره آنًا فآنًا.

ولذا قال الله - تعالى - لنبيه عقب ذلك.

﴿وَلَا تَزَال تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ﴾:

أي: إن الغدر والخيانة عادة مستمرة لليهود. منتقلة فيهم. من الأصول إِلى الفروع.

فلا تزال - أَيها الرسول - تطَّلع من هؤُلاءِ اليهود المعاصرين. على خيانةٍ إثر خيانة. فهم قومٌ لا عهد لهم، ولا وَفَاءَ عندهم.

لقد دمغتهم السماوية بالغدر والخيانة والقسوة. فرماهم نبيهم أَرمياءُ بالكذب والسرقة والزنى والشرك، وأَنهم حوّلوا بيت الله إلى مغارة لصوص (١).

ورماهم السيد المسيح بأَنهم مثل القبور المبيضة من الخارج. المليئة بالجيف من الداخل. ووصفهم بأنهم الحيَّات. أَولاد الأفاعي. وأَنهم قَتَلُوا الأَنبياء والحكماءَ، وجعلوا بيت الله مغارة لصوص (٢).

والآيات القرآنية العديدة تؤيد هذه الصفات.


(١) سفر أرمياء: ٧، ٨ - ١١
(٢) إنجيل متى: إصحاح: ٢٣ فقرة: ١٣، ١٤، ٢٧، ٣٣ - ٣٥