والمعنى: أي وأَخذنا العهد واليثاق على النصارى: بالثبات على الطاعة، وتصديق الرسل واتِّباعهم.
وعبر بقوله: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ بدلا من قوله: (ومن النصارى)، للإيذان بأنهم على دين النصارى بزعمهم، لا حقيقة الواقع؛ لعدم عملهم بموجب دينهم، ومخالفتهم لما في الإنجيل من التوحيد، والتبشير بنبوة محمَّد ﷺ.
وقيل: للإشارة إلى أنهم لقبوا أنفسهم بذلك، على معنى أنهم أنصار الله، مع أنهم لا ينصرون - بكفرهم وسوء أعمالهم - إِلا الشيطان.
﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾:
فسلكوا طريق اليهود في نقض العهد والميثاق، وتركوا نصيبًا وافرًا مما ذكِّروا به في كتابهم، من عقيدة التوحيد، ومن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسم.
﴿فَأَغرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاَء﴾:
فكان جزاؤُهم أن بث الله فيهم العداوة والبغضاءَ، حتى صارت صفة ملازمة لهم.
﴿إِلَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾:
حسبما تقتضيه أَهواؤُهم المختلفة، وعقائدهم المتنافرة.
وقد حدث هذا عبر الأجيال إلى يومنا هذا.
فكل طائفة من طوائفهم: تُكفِّر الأخرى، وتحرم التزاوج منها.
وبالرجوع إِلى التاريخ، تعرف هذه الحقيقة القرآنية الحليلة.
ولا يزالون كذلك إلى يوم القيامة.
﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾:
وسيجازيهم الله - يوم القيامة - بما صنعوا في الدنيا، من نكث العهد، ونقض الميثاق، وتحريفهم الكتاب الذي أُنزل عليهم.