قال لهم رجلان من الذين يخافون الله، ويخشون مخالفة أمره، وعصيان رسوله: قد أَنعم الله عليهما بنعمة التوفيق والسداد وفي وصفهم بذلك، تعريضٌ بأن مَن عداهما من القوم، لا يخافون الله، بل يخافون العدو، ويَجْبنُون عن لقائه.
﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ﴾:
باب المدينة، وباغِتوهُم بالقتال، ولا تَدَعوا لهم فرصةً للتفكير والاستعداد لكم.
﴿فَإذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنَّكُمْ غَالِبُونَ﴾:
فإذا فعلتم ذلك، كان الله معكم بعونه ونصرته، وانتصرتم عليهم وغلبتموهم وتَمَّ لكم ما أردتم، فإن المباغتة تصيب العدو بالشلل.
وعلى الله - وحده - فتوكلوا عند الهجوم عليهم، ولا تخشَوْا عدوكم بعد أن تتخذوا الأسباب وتعدوا العدة - إن كنتم مؤْمنين بالله حق الإيمان، مصدقين بوعده، واثقين بنصره.
وفي الأمر بالتوكل على الله - بعد اتخاذ الأسباب - دليل على أنها لا تؤَثر وحدها، دون إِذنه ﷾ ومعونته، كما أَنه دليل أَيضا، على أن التوكل - بغير اتخاذ الأسباب لا يليق بالمؤْمنين. وهو حينئذ، يكون تواكلا لا توكُّلًا. والتواكل مدعاة للهزيمة. ولكنَّ بني إسرائيل، لم يقنعهم هذا القول، بل أصروا على موقفهم، ولم يبالوا بنصح الناصحين لهم. وقالوا لنبيهم موسى ما حكاه القرآن عنهم بقوله:
(١) راجع القصة بتمامها في سفر العدد - إصحاح ١٣، ١٤، ١٥ (لتطلع على جبنهم وهلعهم وما صاحب ذلك من الأساطير).