يوجب إهدار الدم كالشرك، فكأنما قتل الناس جميعًا؛ لأن الواحد صورة للجماعة، فالجرأة على قتله، استهانة بحق المجتمع كله. وجرأة عليه كله. ومن أحيا نفسا ليس عليها قصاص ولا حدّ - بأَن حال دون قتلها ظلما بالنصيحة أو القوة، أَو أنقذها من التهلكة بنحو غرق أو حرق - فكأَنما أحيا الناس جميعًا.
وفائدة هذا التشبيه: الترهيب والردع من قتل نفس واحدة، بتصويره بصورة قتل جميع الناس، والترغيب والتحضيض إحيائها، بتصويره بصورة إحياء جميع الناس.
وتخصيص بني إِسرائيل بالذكر - مع أن الأَمر كذلك بالنسبة إلي غيرهم - لأَن الحسد كان منشأ هذه الجريمة، وهو غالب عليهم، ولأنهم كانوا يستهينون بجريمة القتل، حتى لم يتورعوا عنها في أَنبيائهم، فنبههم الله - في كتابهم - إِلى فظاعة هذه الجريمة حتى يحذروها.
ولقد اهتدى علماءُ القانون، إِلى ما قرره القرآن الكريم، من أَن العدوان على الفرد يعتبر عدوانا على المجتمع.
ولذا، لو تنازل المجني عليه - أَو ورثته عن حقوقهم قِبلَ الجاني - فمن حق النائب العام الذي يمثل المجتمع، عدم التنازل، حفاظًا على حق المجتمع، وصونا لحرُماته.
ولقد جاءَتْهُم رسل الله - واحدا بعد آخر - بالآيات الواضحات؛ الناطقة بتقرير ما كتبناه عليهم، ثم إِن كثيرا منهم - بعد ما كتبناه عليهم وأَكدناه بإِرسال الرسل - لمسرفون في قتل الناس غير مبالين به.
فمن قرأَ تاريخهم، هاله ما ارتكبوه: من المذابح والتحريق والتمثيل بالبشر .. وكتبهم ناطقة بذلك مما يندى له الجبين. ولا يزالون - حتى اليوم - علَى عنتهم في الإِسراف في سفك الدماءِ.
وهذه أرض فلسطين - وما جاورها من البلاد العربية - تشهد أفظع المذابح والإبادة للعرب بأيدي الإِسرائيليين الدنسة.