والآية نزلت في قطاع الطريق. كما قاله كثير من المفسرين والفقهاءِ، وأصحاب الرأي … نقل ذلك الطبرسي وغيره.
والمقصود من محاربتهم اللهَ ورسولَهُ، قطعُهُم الطريقَ على الناس، وإفسادُهم في الأرض وترويع الآمنين.
وجعْل عملهم هذا حربًا لله ورسوله؛ إِنما هو لتمردهم على ما شرعه الله ﷾، من وجوب الكف عن إيذاء الناس، وتوفير أسباب الأمن والسلام لهم.
المعنى: أَفادت الآية، أَن الذين يَسْعَوْن في الأرض فسادًا، بقطعهم الطريق على الناس، يسلبونهم أموالهم أو أعراضهم، أو يقتلونهم، أو يقطون أطرافهم - يعاقبون بتقتيلهم أو تصليبهم (١)، أو قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو نفيهم من الأرض.
وبيان ذلك في مسائل:
١ - أن وصف المحارب لله ولرسوله، يطلق على من حمل السلاح على الناس في مدينة أو قرية، أَو في طريق أَو صحراءَ، وكابرهم عن أنفسهم وأَموالهم، دون إثارة منهم له، أو ثأَر أَو عداوة.
٢ - أن المغتال كالحارب. وهو أَن يحتال في قتل إنسان، ليأخذ ماله، وإن لم يشهر السلاح. بأَن دخل عليه بيته، أو صحبه في سفر فأَطعمه سُمًّا فِقتله، فَيُقتَل حدًّا لا قَوَدًا أي يقتل قصاصًا.
٣ - اختلف العلماءُ في حكم المحارب. فمنهم من قال: يعاقب بقدر ما فعل. من أَخاف السبيل وأَخذ المال - قُطِعَت يدُه ورجلهُ من خلاف. وإن أَخذ المال وقَتَل، قُطِعَت يدُهُ ورجلُهُ، ثم صُلِبَ وقُتِلَ. فإِذا قَتَلَ ولم يَأخذِ المالَ، قُتِلَ. وإِن لم يَأخُذِ المالَ ولم يَقْتُل، نُفِيَ. وبهذا قال النخعي، وعطاء وغيرها.
(١) مادة التفعيل لما فيه من الزيادة على القصاص، من أنه لا يسقط بالعفو، لكونه حق الشرع، والمراد من التصليب: التصليب مع القتل.