وأَما ابتغاء الوسيلة إِلى الله، فليس بالاستعانة بالصالحين .. فقد قال فيه الشيخ الآلوسي ما نصه: واستدَلَّ بعض الناس بهذه الآية على مشروعية الاستغاثة بالصالحين، وجعلهم وسيلة بين الله تعالى وبين العباد، والقسم بهم بأَن يقال: اللهم إنا نقسم عليك بفلان أن تعطينا كذا .. ومنهم من يقول للغائب أَوالميت من عباد الله الصالحين، يا فلان، ادع الله تعالى أَن يرزقني كذا وكذا، ويزعمون أَن ذلك من باب ابتغاء الوسيلة: ويروون عن النبي ﷺ أنه قال: "إذَا أعْيَتْكم الأمورُ فَعلَيْكُم بِأَهلِ القُبُورِ" أو"فَاسْتَعِينوا بِأَهْلِ القبور".
وكل ذلك بعيد عن الحق بمراحل.
وتحقيق الكلام في هذا المقام: أَن الاستعانة بمخلوق وجعلَهُ وسيلةً - بمعنى طلب الدعاء منه - لا شك في جوازه إن كان المطلوب منه التوسل حيا، ولا يتوقف على أَفضليته عن الطالب، بل قد يطلب الفاضل من المفضول.
فقد صح أن النبي ﷺ قال لعمر - لما استأذنه في العمرة:"لا تنسنا يا أُخَي من دعائك" وأَمره أَن يطلب من أويس القرني ﵀ أَن يستغفر له، وأمر أمته ﷺ بطلب الوسيلة له" (١) وبأَن يصلوا عليه.
وأَما إذا كان المطلوب منه التوسل ميتا أَو غائبا، فلا يستريب أَي عالم في أَنه غير جائز، وأنه من البدع التي لم يفعلها أَحد من السلف الصالح رضوان الله عليهم.
ثم يستطرد الآلوسي ﵀ فيقول:
"نعم؛ السلام على أهل القبور مشروع، ومخاطبتهم جائزة.
فقد صح أنه ﷺ كان يُعلِّم أَصحابَه إذا زاروا القبور أَن يقولوا:"السلام عَلَيْكم أَهل الديارِ مِنَ المؤمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَهُ بكمُ لَاحِقون. يَرْحَمُ الله المْستقْدِمِينَ مِنْكم - وَالمسْتأخِرِينَ. نَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيةَ. اللهُمَّ لا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُم، ولا تَفْتِنَّا بَعْدَهم، واغْفرْ لَنَا وَلَهُم".
(١) بأن يقولوا: اللهم أعطه الوسيلة، وهي منزلة كريمة في الجنة، فعند مسلم وغيره أنها: "منزلة في الجنة لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا، فاسألوا لي الوسيلة".