للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ):

أي ويحكم بها الزهاد، والعلماءُ من اليهود، الذين التزموا طريقة النبيين، وجانبوا كتب اليهود المحرفة. وحكم هؤُلَاء وأُولئك بالتوراة، بسبب التزامهم المحافظة على كتاب الله المنزل إليهم. وكانوا - جميعًا - رقباءَ على كتاب الله - التوراة - يحمونه من محاولات التغيير والتبديل، بأي وجه من الوجوه.

(فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ):

هذا خطاب لرؤَساء اليهود، في عهد النبي .

والمعنى: إذا كان شأن التوراة - مع النبيين والأحبار السابقين - كما ذكر، فلا تخافوا، يا علماءَ اليهود، أحدا من الناس، كائنا من كان. وعليكم أن تُطَبقوها كما أنزل الله، وخافُون، فلا تُخِلُّوا بمراعاتها.

(وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا):

أي: لا تستبدلوا بآياتي المنزلة فيها ثمنا قليلًا. وذلك بتغييرها وتبديلها، في مقابل رشوة تأُخذونها، أو جاهٍ تحرصون عليه، أو أي حظٍّ من حظوظ الدنيا وزُخرُفِها.

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ):

هذه الآية وما يأتي من قوله تعالى: (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وقوله تعالى: (فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) نزلت كلها في الكفار، وعلى هذا رأْي أَكثر المفسرين.

فأما المسلم، فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة.

وقيل في الآية إضمار، تقديره: ومن لم يحكم بما أنزل الله رادًّا للقرآن، وجحدا لقول الرسول فهو كافر، قاله ابن عباس، ومجاهد … فالآية عامة على هذا.

وقال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار، معتقدا ذلك، مستحلا له.

وأَما مَن فعل ذلك وهو معتقد أنه مرتكب محرما، فهو من فُسَّاق المسلمين وعُصَاتِهِم (١).


(١) القرطبي: ٦/ ١٩٠ باختصار.