والمعنى: وأنزلنا إليك يا محمَّد، القرآن: قائما بالحق، الذي لا ريب فيه، مصدقا لما تقدمه من الكتب السماوية، التي نزلت على الأنبياء قبله. فلا يختلف عنها - ولا تختلف عنه - فيما جاءَ من أصول العقائد والشرائع.
(وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ):
أي مسيطرا ورقيبا على سائر الكتب السماوية التي تقدمته قبل تحريفها. وَمُنَبِّهًا إلى ما وقع فيها من تحريف. ومقتضى الهيمنة أَنَّ صاحبها هو - لا سواه - المصدر التشريعي للإِنسانية.
(فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ):
أَي فاحكم بين أهل الكتاب بالحق، الذي أَنزله الله إليك في كتابه الكريم. فإِنه المرجع السماوي الصحيح، المحفوظ من التحريف. وكل ما لا يوافقه في التوراة والإِنجيل دخيل، يحرم العمل به وتصديقه. ويَكفر مَن يعتقده تنزيلا من عند الله تعالى.
أَي لا تعدل عما جاءَك من الحق، متبعا أَهواءَهم الزائفة الناشئة عن التحريف والتبديل.
(لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً):
أَي لكل أمة منكم - يا بني آدم - جعلنا شريعة تناسب أَحوالها وأَزمانها.
(وَمِنْهَاجًا): أَي طريقا واضحًا تسير عليه في تنفيذ أَحكام شريعتهم.
فالقرآن الكريم. شريعة زمانه. إِلى يوم القيامة.
قال ابن كثير: هذا إِخبار عن الأُمم المختلفة الأديان، باعتبار ما بعث الله به رسله الكرام من الشرائع المختلفة في الأَحلام المتفقة في التوحيد، كما ثبت في صحيح البخاري، عن أَبي هريرة ﵁ أَن رسول الله ﷺ قال:"أَنَا أَوْلى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَالْأَنْبِياءُ إِخْوةٌ لِعَلَّاتٍ. أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُم وَاحِدٌ".