أي ما تقدم من الأوصاف العظيمة، والفضائل الجليلة، من محبة الله لهم، ومحبتهم لله تعالى، وحنوهم على المؤْمنين. والشدةِ على الكفار، والجهاد في سبيل الله - دون خشيةِ أَحد - إنما هو لطفُ الله وإحسانهُ: يتفضل - وحده - بمنحه من يشاءُ من عباده. وذلك بتوفيقه للعمل على تحصيله، والحرص على التحلِّي به.
(وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ):
كامِلُ القدرة، كثير الإِفضال، كامل العلم، محيط بكل شيء. فلا يعجزه أَن يأتيَ بمن يُحِبُّهُمْ ويحبونه، ولا يفوته العلم بمن هو أَهلٌ لذلك الفضل.
وقد تحدثت الآية عمن يرتدون قبل أَن تقع ردتهم، فكان ذلك إخبارا عن مغيبات، وكان معجزة للرسول، وإعجازا للقرآن.
وقد ارتد من العرب في أَواخر عهد الرسول ﷺ ثلاث فرق:
١ - بنو مدلج: تحت رياسة الأسود العنسي؛ تنبَّأَ باليمن، ثم قتله فيروز الديلمي، في الليلة التي قُبض الرسولُ ﷺ من غدها.
٢ - بنو حنيفة: أَصحاب مسيلمة الكذاب، الذي تنبأَ فحاربه أَبو بكر ﵁ وقتله الوحشي؛ قاتل حمزة، وكان يقول: قتلت في جاهليتي خيرَ الناس، وقتلت في إسلامي شرَّ الناس.
٣ - بنو أَسد: قوم طلحة بن خويلد، الذي ادعى النبوة، فبعث رسول الله ﷺ خالدا ﵁ لقتاله، فهرب بعد القتال إلى الشام ثم أَسلم، وحَسُنَ إِسلامه.
وفي خلافة أبي بكر الصديق ارتدت بعض القبائل العربية. وبعضها امتنع عن دفع الزكاة واعتبرها جرما.
فرأى أَبو بكر ﵁ قتال المرتدين والممتنعين عن دفع الزكاة، وشرح الله صدور المسلمين لهذا، وجهز الجيوش، واستطاع القضاء على هذه الفتنة، وضَمّ المسلمين بعد أَن كَادوا يتفرقون.