أَمرٌ من الله تعالى لرسوله: أَن يقول لأَهل الكتاب، الذين استهزءُوا بالدين وكفروا به، خطابًا لهم على سبيل التعجيب:
(هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا):
أي: ما تنكرون منا وتعيبون علينا، إلا إِيماننَا بالله وبما أُنزل إِلينا من القرآن المجيد، وإِيماننَا بما أُنزِل من قبل إِنزال القرآن الكريم: من التوراة والإِنجيل المنزلين عليكم، وسائر الكتب السماوية وكذلك إِيماننا بأَنكم قوم فاسقون متمردون على الحق، خارجون عن الطريق المستقيم للصالح الإِنساني، مكذبون بنبوة محمَّد الذي بشرت به كتبكم وجاءَ لخلاصكم.
وكان هذا القول على سبيل التعجيب، لأن هذه الأُمور التي أَنكروها. ليست بما يعاب وينكر، بل يجب أن تكون مما يُعلَم ويُحفظ، لأن الإيمان بالله، هو الأَصْل الذي عليه تُبنى جميع الطاعات .. والإِيمان بجميع الأنبياءِ، هو الحق والصدق الذي أمر الله به. وقد اتبعناه. والتزام الصالح الإِنساني، الذي لا يضل عنه إِلا فاسق فاجر.
وأَما ما عليه هؤُلاء المستهزءُون: من التمرد والخروج عن الإِيمان، والكفر ببعض الرسل والإِيمان ببعض، فباطلٌ. وليس من الحق في شيءٍ. وهو الجدير بأَن يُعَاب وينكر. لأن كفرهم بمحمد ﷺ وهو الذي جاء مصدقا لمن تقدمه من الرسل - كفرٌّ منهم برسلهم وبمكارم الأخلاق.
وخاطبهم بقوله:(يَاَ أهْلَ الْكِتَابِ) توبيخًا لهم وتقريعًا، إذ مقتضى هذا الوصف أَن يؤْمنوا بمحمد ﷺ وبما جاءَ به، وأَلَّا يستهزءوا به ويسخروا من الدين الذي ارتضاه الله تعالى - شريعة للناس جميعًا. محققة للصراط المستقيم، والسعادة البشرية.