بالقرآن الكريم المصدق لكتبهم، المنزل إليهم - لأنه منزل إِلى الناس جميعًا - وليس كما يزعمون من أَنه لم يُنْزَل إلى بني إسرائيل، وآمنوا أَيضا بسائر الكتب المنزلة على بني إسرائيل.
أي: لو أقام أهلُ الكتاب التوراةَ والإِنجيل، وسائرَ ما أنزلَ الله إليهم، على النحو الذي تقدم، لوسَّع الله عليهم أرزاقهم، ولأفاض عليهم من بركات السماءِ والأرض، ولفازوا بسعادة الدنيا وغمرتهم طيباتها، وجاءَهم الخير من كل مكان، فوق فوزهم بتحقيق وعد الله لهم بسعادة الآخرة.
ثم بيّن سبحانه، أن أهل الكتاب لم يكونوا جميعا مُصِرِّين على الكفر وعدم الإيمان، بل منهم طائفة آمنت، وكثير منهم ظل على إساءَته وعناده بقوله:
أي: من أَهل الكتاب طائفة معتدلة: لم تغل ولم تقصر، وهم الذين آمنوا بمحمد ﷺ وبما جاءَ به، وبسائر الكتب التي أنزلها الله على رسله، فكانوا بذلك على النهج السليم، والطريق المستقيم دون إِفراط أَو تفريط.
وكما كان من أهل الكتاب أَمة وسط: استقامت على منهج الحق. والْهُدَى، كان كثير منهم ما أَسوأَ عَمَلَهُم! إِذ أَفرطوا في عنادهم وعداوتهم، وظلوا على كفرهم، وأكثروا من فعل السيئات، ولَجّوا في طغيانهم يعمهون، وأَعرضوا عن الإِيمان، مع ما يحققه لأهله من السعادة في الدنيا والآخرة.