للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحاشاه صلوات الله وسلامه عليه، أن يقصّر في حق الله تعالى، فقد أَدبه ربُّه فأحسن تأديبه، وهذّبه فأحسن تهذيبه قال تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ … ﴾ (١).

والمراد هنا: بيان أنه ، أدى رسالته كاملة، فلا مجال لزيادة فيها أو نقصان.

جاءَ في الصحيحين: أن سائلا سأل الإِمام عليًّا : هل عندكم شيءٌ من الوحي إلا ما كان في كتاب الله؟ فقال: "لَا وَالَّذِى فَلَقَ الْحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلاَّ فَهْمًا يُعْطِيه اللهُ رَجُلًا في الْقرْآنِ وَمَا في هَذِهِ الصَّحِيفَة" (٢).

وروى البخاري والترمذي: "مَنْ حَدَّثَكَ أنَّ مُحَمَّدًا كتَمَ شَيْئًا مِمَّا أنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقَدْ كَذَبَ".

وروى الشيخان أَن السيدة عائشة قالت: [لو كان النبي كاتمًا شيئًا من الْوَحْيِ، لكتم هذه الآية: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ … ﴾ (٣) لما فيها من عتاب شديد للنبى ].

وكما أَن هذه الآيةْ تُبَيِّن أَن الرسول لم يكتم شيئًا من الوحي عن أحد من الناس، فإِن قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٤) يدل على أَن الله تَكفَّل بحفظ كتابه الكريم؛ الذي أمر الرسول بتبليغه فبلغه.

قال الزهرى - فيما رواه البخاري - "مِنَ اللهِ الرِّسَالَةُ. وَعَلَى الرَّسُولِ البَلَاغُ. وَعَلَيْنَا التسْلِيمُ. وَقدْ شَهدَت أمتُه لَه بتَبْليغ الرِّسالَةِ في حجة الوداع" وقد أَدى هذه الشهادة أَربعون أَلفا حضروا معه حجة الوداع.


(١) الأنعام، من الآية: ١٢٤
(٢) ما في الصحيفة هو: دية القتل، وفكاك الأسير، وألا يقتل مسلم بكافر. وهو تشريع عام جاءت به السنة الشريفة.
(٣) الأحزاب، من الآية: ٣٧
(٤) الحجر، الآية: ٩