أي: ومما استحقوا به اللعنة: أَن المنكر فشا فيهم، حتى أَصبح مألوفا بينهم معروفا فيهم، لا يلقى مقاومة ولا زَجْرا ولا إنكارا، فلا ينهى بعضهم بعضا عنه.
روى الإِمام أَحمد والترمذي وأَبو داود عن النبي ﷺ. قال:"لمَّا وَقَعَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ في المَعَاصِى، نهتْهُمْ علماؤُهم فلم ينتَهوا. فجالسوهم في مجالِسِهم أوْ في أَسْواقِهِمْ - وَواكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُم. فَضرَبَ الله قلوب بَعضهِم بِبَعض، وَلَعَنَهم عَلَى لِسانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْن مَرْيَمَ. ذَلِكَ بمَا عصوا وَكَانُوا يَعْتَدونَ. وَكانَ ﷺ متَّكِئا فَجَلَسَ فَقالَ: لا، وَالذِي نَفْسِى بيَدِهِ، حَتى تأَطِروهُمْ على الحق أَطرا"(١)، أي تعطفوهم عليه.
وفي رواية لأَبي داود وابن ماجه والترمذي:"واللهِ لَتَأمرُن بالمعروفِ وَلتنهَوُنَّ عن المنكر، وَلَتَأخُذُنَّ على يَدِ الظالِم، وَلَتَأطِرنَّه على الحق أطْرًا. أَو لَيَضرِبَن الله قلُوبَ بعضكم بِبَعضٍ، ثَم يَلْعَنُكم كَما لَعَنَهُمْ".
ومن هذا يتضح: أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مفروض، في جميع الرسالات السماوية.
﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾:
أي ما أَقبح فعلهم وسكوتهم على المنكر!
وقد عقب الله بهذا على الوصف السابق، لإظهار مدى قبح وشناعة ما كانوا يصنعون والتعبير بقوله: ﴿يَفْعَلُونَ﴾ للدلالة على استحضار الصورة القبيحة لما كانوا يفعلون، وللدلالة على استمرارهم في ذلك.