والأسود: تحصدهم في غداة واحدة؟! إني والله، امرؤ أَخشى الدوائر. فقال ﷺ: هُمْ لَكَ، عَلَى أَن يَخْرُجُوا مِنَ المدِينَةِ وَلَا يُجَاوِرُوني بِهَا.
والواقعَ أَن اليهود بالمدينة، كانوا يوالون مشركي قريش ومنافقي المدينة. وكانوا على صلات وثيقة بالروم. فهم يوالون كل مناهض للإِسلام.
﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾:
أَكّد اللهُ ذَمَّه لليهود، بأنهم اختاروا لأنفسهم أسوأَ ما يختاره إِنسان لنفسه، حيث قدموا من الأَعمال التي يتوقعون أَن تنفعهم في الآخرة، ما يستدعي غضب الله وسخطه عليهم، بأَن حاربوا الإِسلام - وهو دين التوحيد الذي بشرت به توراتهم - وناصروا المشركين والمنافقين، الذين يتجهون إلى غير الله بالعبادة والتوحيد.
﴿وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾:
أَي: وسيكون جزاؤُهم على هذا في الآخرة الخلود في النار، ومقاساة عذابها الأليم.
٨١ - ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ. . .﴾ الآية.
أَي: لو كان هؤُلاءِ اليهود، يؤْمنون باللهِ ورسوله محمَّد ﷺ وكتابه الكريم، أَو بالله ورسوله موسى ﵇ الذي يدِّعون اتباعه وبما أنزل عليه من التوراة - لو كان لديهم هذا الإِيمان - ما اتخذوا المنافقين ولا المشركين نصراءَ، وهم يعرفون أنهم عبدة أَصنام.
ويجوز أَن يكون المراد: لو أَن المشركِين والمنافقين آمنوا بالله ورسوله، وما أنزل الله عليه، ما اتخذوا اليهود أَصدقاءَ ونصراءَ.
﴿وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾:
ولكن كثرتهم انحرفت بهم عن الحق، وجنحت إِلى الضلال، فوالت الكفار، وأعانتهم على المؤْمنين؛ لأَن خروجهم عن الدين القويم، أَلَّف بين هؤُلاء الكافرين.
وإذا كانت الكثرة قد انحرفت عن الصواب، فعلى القلة أَن تقاومها ما استطاعت إِلى ذلك سبيلا. وإلا فالجميع في الحكم سواء.
وهكذا كل كثرة على صواب، إِلى يوم القيامة.